ذكر شومان وكش ونسف غزو
وفي هذه السنة سار قتيبة إلى شومان فحصرها .
[ ص: 32 ] وكان سبب ذلك أن ملكها طرد عامل قتيبة من عنده ، فأرسل إليه قتيبة رسولين ، أحدهما من العرب اسمه عياش ، والآخر من أهل خراسان ، يدعوان ملك شومان أن يؤدي ما كان صالح عليه . فقدما شومان ، فخرج أهلها إليهما فرموهما ، فانصرف الخراساني ، وقاتلهم عياش فقتلوه ، ووجدوا به ستين جراحة .
وبلغ قتله قتيبة فسار إليهم بنفسه ، فلما أتاها أرسل صالح بن مسلم أخو قتيبة [ رجلا ] إلى ملكها ، وكان صديقا له ، يأمره بالطاعة ويضمن له رضا قتيبة إن رجع إلى الصلح ، فأبى وقال لرسول صالح : أتخوفني من قتيبة وأنا أمنع الملوك حصنا ؟ فأتاه قتيبة وقد تحصن ببلده فوضع عليه المجانيق ، ورمى الحصن فهشمه ، وقتل رجلا في مجلس الملك بحجر ، فلما خاف أن يظهر عليه قتيبة جمع ما كان بالحصن من مال وجوهر ورمى به في بئر بالقلعة لا يدرك قعرها ، ثم فتح القلعة وخرج إليهم فقاتلهم حتى قتل ، وأخذ قتيبة القلعة عنوة ، فقتل المقاتلة وسبى الذرية .
ثم سار إلى كش ونسف ففتحهما . وامتنعت عليه فارياب فأحرقها ، فسميت المحترقة ، وسير من كش ونسف أخاه عبد الرحمن إلى الصغد ، وملكها طرخون ، فقبض عبد الرحمن من طرخون ما كان صالحه عليه قتيبة ، ودفع إليه رهنا كانوا معه ، ورجع إلى قتيبة ببخارى ، وكان قد سار إليها من كش ونسف ، فرجعوا إلى مرو . ولما كان قتيبة ببخارى ملك بخاراخذاه ، وكان غلاما حدثا ، وقتل من يخاف أن يضاده .
وقيل : إن قتيبة سار بنفسه إلى الصغد ، فلما رجع عنهم قالت الصغد لطرخون : إنك قد رضيت بالذل ، واستطبت الجزية ، وأنت شيخ كبير ، فلا حاجة لنا فيك ، فحبسوه وولوا غوزك ، فقتل طرخون نفسه .