[ ص: 176 ] 107
ثم دخلت سنة سبع ومائة
ذكر ملك الجنيد بعض بلاد السند وقتل صاحبه جيشبه
في هذه السنة استعمل خالد القسري الجنيد بن عبد الرحمن على السند فنزل شط مهران ، فمنعه جيشبه بن ذاهر العبور ، وقال : إننا مسلمون ، فقد استعملني الرجل الصالح ، يعني ، على بلادي ولست آمنك ، فأعطاه رهنا وأخذ منه رهنا بما على بلاده من الخراج ، ثم إنهما ترادا الرهن وكفر جيشبه وحاربه ، وقيل : لم يحاربه ، ولكن عمر بن عبد العزيز الجنيد تجنى عليه ، فأتى الهند ، فجمع وأخذ السفن ، ( واستعد للحرب ، فسار الجنيد إليه في السفن ) أيضا ، فالتقوا ، فأخذ جيشبه أسيرا ، وقد جنحت سفينته ، فقتله ، وهرب أخوه صصة إلى العراق ليشكو غدر الجنيد ، فخدعه الجنيد حتى جاء إليه فقتله .
وغزا الجنيد الكيرج ، وكانوا قد نقضوا ، ففتحها عنوة ، وفتح أرزين ، والمالية ، وغيرهما من ذلك الثغر .
ذكر غزوة عنبسة الفرنج بالأندلس
في هذه السنة غزا عنبسة بن سحيم الكلبي عامل الأندلس بلد الفرنج في جمع كثير ، ونازل مدينة قرقسونة وحصر أهلها ، فصالحوه على نصف أعمالها ، وعلى جميع ما في المدينة من أسرى المسلمين وأسلابهم ، وأن يعطوا الجزية ، ويلتزموا بأحكام الذمة من محاربة من حاربه المسلمون ، ومسالمة من سالموه ، فعاد عنهم عنبسة ، وتوفي في [ ص: 177 ] شعبان سنة سبع ومائة أيضا ، وكانت ولايته أربع سنين وأربعة أشهر ، ولما مات استعمل عليهم بشر بن صفوان يحيى بن سلمة الكلبي في ذي القعدة سنة سبع أيضا .
ذكر حال الدعاة لبني العباس
قيل : وفيها وجه بكير بن ماهان : أبا عكرمة ، وأبا محمد الصادق ، ومحمد بن خنيس ، وعمارا العبادي ، وزيادا خال الوليد الأزرق ، في عدة من شيعتهم دعاة إلى خراسان ، فجاء رجل من كندة إلى أسد بن عبد الله ، فوشى بهم إليه ، فأتي بأبي عكرمة ، ومحمد بن خنيس ، وعامة أصحابه ، ونجا عمار ، فقطع أسد أيدي من ظفر به منهم وصلبهم ، وأقبل عمار إلى بكير بن ماهان ، فأخبره [ الخبر ] ، فكتب إلى محمد بن علي بذلك ، فأجابه : الحمد لله الذي صدق دعوتكم ومقالتكم ، وقد بقيت منكم قتلى ، ستقتل .
وفيها قدم مسلم بن سعيد إلى خالد بن عبد الله ، فكان أسد يكرمه بخراسان ولم يعرض له ، فقدم مسلم وابن هبيرة يريد الهرب ، فنهاه عن ذلك ، وقال : إن القوم فينا أحسن رأيا منكم فيهم .
وفيها غزا أسد جبال نمرون ملك غرشستان مما يلي جبال الطالقان ، فصالحه نمرون وأسلم على يده ، وهم [ اليوم ] يتولون اليمن .
[ ص: 178 ] ذكر الخبر عن غزوة الغور
قيل : وفي هذه السنة غزا أسد الغور ، وهي جبال هراة ، فعمد أهلها إلى أثقالهم فصيروها في كهف ليس إليه طريق ، فأمر أسد باتخاذ توابيت ، ووضع فيها الرجال ، ودلاها بسلاسل ، فاستخرجوا ما قدروا عليه .
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة عزل هشام : عن الجراح بن عبد الله الحكمي أرمينية وأذربيجان ، واستعمل عليها أخاه ، فاستعمل عليها مسلمة بن عبد الملك مسلمة الحارث بن عمرو الطائي ، فافتتح من بلد الترك رستاقا وقرى كثيرة ، وأثر فيها أثرا حسنا .
وفيها نقل أسد من كان بالبروقان إلى بلخ من الجند ، وأقطع كل من كان له بالبروقان بقدر مسكنه ، ومن لم يكن له مسكن أقطعه مسكنا ، وأراد أن ينزلهم على الأخماس ، فقيل له : إنهم يتعصبون ، فخلط بينهم . وتولى بناء مدينة بلخ برمك أبو خالد بن برمك ، وبينها وبين البروقان فرسخان .
وحج بالناس هذه السنة إبراهيم بن هشام ، وكان عمال الأمصار من تقدم ذكرهم في السنة قبلها .
[ الوفيات ]
وفيها مات وعمره ثلاث وسبعون سنة ، [ ص: 179 ] سليمان بن يسار وعطاء بن يزيد الليثي ، وله ثمان وتسعون سنة ، ( وقد تقدم ذكر وفاته سنة خمس ومائة ) .
( يسار : بالياء المثناة من تحت ، وبالسين المهملة ) .