[ ص: 175 ]   ( 545 ) 
ثم دخلت سنة خمس وأربعين وخمسمائة 
ذكر أخذ العرب الحجاج 
في هذه السنة ، رابع عشر المحرم خرج العرب ، زعب  ومن انضم إليها ، على الحجاج بالغرابي ، بين مكة  والمدينة  فأخذوهم ولم يسلم منهم إلا القليل . 
وكان سبب ذلك أن نظرا أمير الحاج [ لما عاد من الحلة  على ما ذكرناه وسار على الحاج ]  قايماز الأرجواني  ، وكان حدثا غرا ، سار بهم إلى مكة  ، فلما رأى أمير مكة  قايماز  استصغره ، وطمع في الحاج ، وتلطف  قايماز  الحال معه إلى أن عادوا . 
فلما سار عن مكة  سمع باجتماع العرب ، فقال للحاج : المصلحة أن لا نمضي إلى المدينة ، وضج العجم وتهددوه بالشكوى منه إلى السلطان  سنجر  ، فقال لهم : فأعطوا العرب مالا نستكف به شرهم ! فامتنعوا من ذلك ، فسار بهم إلى الغرابي  ، وهو منزل يخرج إليه من مضيق بين جبلين ، فوقفوا على فم مضيق ، وقاتلهم  قايماز  ومن معه ، فلما رأى عجزه أخذ لنفسه أمانا ، وظفروا بالحجاج ، وغنموا أموالهم وجميع ما معهم ، وتفرق الناس في البر ، وهلك منهم خلق كثير لا يحصون كثرة ، ولم يسلم إلا القليل ، فوصل بعضهم إلى المدينة ، وتحملوا منها إلى البلاد ، وأقام بعضهم مع العرب حتى توصل إلى البلاد . 
ثم إن الله تعالى انتصر للحاج من زعب  ، فلم يزالوا في نقص وذلة ، ولقد رأيت شابا منهم بالمدينة سنة ست وسبعين وخمسمائة ، وجرى بيني وبينه مفاوضة قلت له فيها : إنني والله كنت أميل إليك حتى سمعت أنك من زعب  ، فنفرت وخفت شرك . 
 [ ص: 176 ] فقال : ولم ؟ فقلت : بسبب أخذكم الحاج . فقال لي : أنا لم أدرك ذلك الوقت ، وكيف رأيت الله صنع بنا ؟ والله ما أفلحنا ، ولا نجحنا ، قل العدد وطمع العدو فينا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					